جريمة غسيل الاموال في الامارات وعقوباتها
تعمل دولة الإمارات العربية المتحدة بجهد كبير على مكافحة الجريمة بشكل عام، وتولي جرائم غسل الأموال اهتمامًا خاصًا بسبب تأثيرها الضار على القطاع الاقتصادي في البلاد. وتتمثل هذه الجرائم في تحويل الأموال التي يتم الحصول عليها بطرق غير مشروعة، وإخفائها بطرق تمويهية لجعلها تبدو مشروعة.
إن جريمة غسل الأموال وفق القانون الإماراتي تقع على كل من كان عالماً بأن الأموال متحصلة من جريمة، وارتكب عمداً أحد الأفعال الآتية:
- حول المتحصلات أو نقلها أو أجرى أي عملية بقصد إخفاء أو تمويه مصدرها غير المشروع
- أخفى أو موّه حقيقة المتحصلات، أو مصدرها، أو مكانها أو طريقة التصرف فيها أو حركتها أو ملكيتها أو الحقوق المتعلقة بها
- اكتسب أو حاز أو استخدم المتحصلات عند تسلمها
- ساعد مرتكب الجريمة الأصلية على الإفلات من العقوبة.
ونص القانون الإماراتي على أن جريمة غسل الأموال تعتبر جريمة مستقلة، ولا تحول معاقبة مرتكب الجريمة الأصلية دون معاقبته على جريمة غسل الأموال، كما لا يشترط حصول الإدانة بارتكاب الجريمة الأصلية لإثبات المصدر غير المشروع للمتحصلات.
وهذا ما سنتعرف عليه اليوم في مقالنا بعنوان جريمة غسيل الاموال في الامارات وعقوباتها، بالإضافة إلى قانون غسيل الأموال الإماراتي التي فرض العقوبات والإجراءات الصارمة للحد من هذا الأمر.
هل تبحث عن استشارة قانونية في الإمارات بخصوص موضوع غسيل الأموال أو أي موضوع قانوني آخر؟ اضغط هنا للتواصل المباشر مع أفضل مكاتب المحاماة في الإمارات
وفقاً لقانون الاتحاد الإماراتي رقم 20 لعام 2018، فإن الجريمة المتمثلة في غسل الأموال هي من الجرائم المستقلة. ويُعد مرتكباً لها كل من يعلم أن المال المتحصل عليه متأتٍ من جريمة أو جناية.
وينقله أو يحوّله بقصد إخفاء مصدره غير الشرعي أو يقوم بإخفاء الحقيقة حول المتحصلات أو ملكيتها أو يقدم المساعدة لمرتكب الجريمة الأصلية لتفادي العقاب.
وتم إنشاء العديد من المؤسسات في دولة الإمارات العربية المتحدة من أجل مكافحة جرائم غسل الأموال والحد من انتشارها، وحفاظاً على سلامة الأمن الاقتصادي في الدولة. إلى جانب إصدار القوانين وإنشاء المحاكم الخاصة.
وتشمل هذه المؤسسات المكتب التنفيذي لمواجهة جرائم غسل الأموال، الذي وافق عليه مجلس الوزراء الإماراتي في ديسمبر 2020، واللجنة الوطنية لمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب.
تتولى اللجنة الوطنية مهام عدة، بما في ذلك تحديد وتقييم مخاطر جرائم غسل الأموال. ووضع إستراتيجية وطنية لمكافحة غسيل الاموال في الامارات وتطويرها، وتبادل المعلومات بين الجهات المختصة. وتمثيل الدولة في المحافل الدولية المتعلقة بمواجهة غسل الأموال.
المؤسسات المعنية بمواجهة جرائم غسيل الاموال.
تم إطلاق منصة “goAML” المبتكرة لمكافحة جرائم غسل الأموال في الإمارات، بالتعاون بين وحدة المعلومات المالية في المصرف المركزي الإماراتي ومكتب الأمم المتحدة المعني بالجريمة والمخدرات.
تهدف المنصة إلى جمع وتحليل المعلومات المالية بما يتوافق مع متطلبات مكافحة غسل الأموال. وسيتم استخدامها من قبل جميع المؤسسات والشركات المالية. هذا الإجراء سيسهم في منع ارتكاب جرائم غسل الأموال والأنشطة المالية الأخرى غير المشروعة. وسيكون جزءاً من وحدة المعلومات المالية.
نظام “فوري تك”، فهو نظام ذكي تم تطويره من قبل الهيئة الاتحادية للرقابة النووية من أجل الكشف عن الجرائم المالية. يتم جمع القضايا المرتبطة بغسيل الأموال من مختلف الجهات ذات العلاقة من قبل النظام.
وذلك لتسهيل التواصل بينها وتسريع اتخاذ القرارات والإجراءات في وقت قصير. يعمل هذا النظام على تطبيق إجراءات صارمة لتقليل الجرائم المالية وجرائم غسيل الأموال في الإمارات، وذلك بناءً على قانون غسيل الأموال الإماراتي.
صدر مرسوم بقانون اتحادي رقم 20 لسنة 2018 في دولة الإمارات العربية المتحدة. بهدف مواجهة جرائم غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وتمويل التنظيمات غير المشروعة.
إضافةً إلى صدور اللائحة التنفيذية رقم 10 لسنة 2019 والقرار الوزاري رقم 58 لسنة 2020 بشأن تنظيم إجراءات المستفيد الحقيقي.
تهدف هذه القوانين إلى مكافحة جرائم غسل الأموال وتوفير إطار قانوني لتعزيز الجهود في هذا المجال وضبط مخاطر غسيل الأموال. تتضمن هذه القوانين حزمة من العقوبات والجزاءات التي تختلف باختلاف الجرائم.
وتصل بعضها إلى الغرامة مبلغ 10 مليون درهم أو الحبس والمصادرة أو الأبعاد من الدولة في حال كان مرتكب الجريمة مقيما بها.
وتضع كل هذه المواد ضمن الإطار الذي يسعى القانون الإماراتي لتطبيقه على نطاق أوسع للحد من جرائم غسيل الاموال في الامارات.
حيث يفرض القانون الإماراتي عقوبة مختلفة لجريمة تبييض الأموال حسب خطورتها، ففي القضايا البسيطة، تأتي العقوبة أولًا بالحبس، ولا تتجاوز مدة الحبس العشر سنوات. ويكون للقاضي سلطة تقديرية لتحديد فترة الحبس التي يستحقها المتهم. ولكنها لا تتجاوز الحد الأقصى الذي حدده القانون وهو 10 سنوات.
ويمكن فرض عقوبة الغرامة أيضًا، ولكن بوضع حد أدنى للغرامة يبلغ 100,000 درهم إماراتي، وحد أقصى يبلغ 5,000,000 درهم إماراتي. وفي هذه الحالة، يمكن للقاضي اختيار إما فرض الحبس أو الغرامة أو الاثنين معًا، ولكن يتم تنظيم هذه السلطة التقديرية بواسطة القانون.
ما هي عقوبات غسل الأموال في الإمارات العربية المتحدة؟
تتنوع عقوبات الجرائم التي يشملها قانون مواجهة غسل الأموال في شدتها بدءاً من عدم تحديد النشاط المشبوه إلى المساعدة في ارتكابه عن علم ودراية. وتتفاوت العقوبات المفروضة على هذه الجرائم إلى حد كبير.
ويمكن أن تصل الغرامات المفروضة على جرائم غسل الأموال الأكثر خطورة إلى مليون درهم إماراتي، فيما تصل أقصى عقوبة إلى السجن لمدة 10 سنوات. أما الجرائم الثانوية مثل عدم ردع الجريمة أو عدم الإبلاغ عن أحد أنشطة غسل الأموال، فتصل غرامتها إلى 100.000 درهم إماراتي، ولا يوجد حد أدنى أو أقصى لعقوبة السجن على هذا النوع من الجرائم.
وتشمل الجرائم الأخرى وعقوباتها وغراماتها ما يلي:
- غرامة قدرها 1 مليون درهم إماراتي:
التعامل مع المؤسسات المالية المزيفة
الاحتفاظ بحسابات بنكية بأسماء مزيفة
- غرامة قدرها 200000 درهم إماراتي:
عدم الاهتمام بتلبية متطلبات الامتثال لقوانين غسل الأموال
عدم الاستجابة لطلبات الحصول على المعلومات من السلطات
إبلاغ العملاء بالتقارير أو التحقيقات حول أنشطتهم المشبوهة
- غرامة قدرها 100000 درهم إماراتي:
عدم إدراك مخاطر الجريمة
عدم التحقق من هوية الطرف الآخر قبل الدخول في علاقة عمل
عدم الاحتفاظ بسجلات دقيقة
- غرامة قدرها 50000 درهم إماراتي:
عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من المخاطر المعروفة
عدم وضع سياسات تهدف إلى الحد من الجريمة
عدم مراقبة العملاء بشكل متواصل طوال علاقة العمل
عدم تعيين مسؤول عن الامتثال
تختلف عقوبة جريمة تبييض الأموال في القانون الإماراتي بحسب الظروف المحيطة بها. حيث حدد المشرع الظروف التي تستدعي تشديد العقوبة، وهي:
- جمع الأموال مُتسترًا وراء شركة وهمية، وهذا يعتبر ظرفًا مُشددًا لتفادي ظهور وانتشار مثل هذه الشركات.
- جمع الأموال من خلال جماعة إرهابية؛ ويعتبر هذا الظرف من بين أخطر أشكال الجريمة التي تستوجب أشد العقوبات لردع ذلك.
- الإتقان التام في فعل الجريمة؛ والذي يدل على اعتيادية المجرم على ارتكاب تلك الجريمة، وهو أيضًا ظرف يستحق التشديد.
حدد المشرع العقوبة المقترنة بالظروف المشددة بالغرامة وأوضح أيضًا الحد الأدنى للغرامة وهو 300,000 درهم، والحد الأقصى 10,000,000 درهم.
بالإضافة إلى الغرامة، فإن العقوبات المنصوص عليها تشمل السجن المؤقت، والذي يمكن للقاضي جمعه مع العقوبة الرئيسية في بعض الحالات لتحقيق الردع القوي.
وضع القانون الإماراتي مجموعة من العقوبات التكميلية، مثل المصادرة والتي تعني سحب جميع ممتلكات الجاني.
وفي حالة كان الجاني أجنبيًا، فإن العقوبة التكميلية الأخرى هي الطرد خارج دولة الإمارات.
محاكم جرائم غسل الأموال.
تم إنشاء محاكم خاصة في دولة الإمارات العربية المتحدة، حرصًا على مكافحة جرائم غسل الأموال ومعاقبة مرتكبيها. وأصدر وزير العدل بالدولة، معالي السيد سلطان بن سعيد البادي الظاهري. قرارات وزارية لإنشاء محاكم متخصصة في جرائم غسل الأموال. بالتحديد في القضاء الاتحادي بمحاكم عجمان، والشارقة، والفجيرة، وأم القيوين.
وتم إنشاء دوائر قضائية فردية وكلية واستئنافية لنظر جرائم غسل الأموال في كل دور قضاء في الإمارات. يأتي هذا القرار في إطار توجه وزارة العدل الإماراتية في دعم القضاء المتخصص.
ويعزز من جهود دولة الإمارات في مكافحة غسيل الاموال في الامارات، ومن المتوقع أن يؤدي إلى اتساق وجودة الأحكام القضائية في هذا المجال.
أصدر سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير شؤون الرئاسة ورئيس دائرة القضاء في أبو ظبي. قراراً بإنشاء محكمة متخصصة لنظر جرائم غسيل الأموال والتهرب الضريبي، بجانب محاكم القضاء الاتحادي المتخصصة في نظر هذه الجرائم.
يأتي ذلك في إطار تنفيذ الأولوية الإستراتيجية لدائرة القضاء في تعزيز كفاءة التقاضي في الدولة وضمان نظام العدالة الجنائية يهدف إلى تحقيق العدالة.
يجب الإشارة إلى أن إنشاء هذه المحاكم المتخصصة يعزز الجهود المبذولة من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة لمواجهة جرائم غسل الأموال. ومكافحة غسل الأموال وضمان ملاحقة المتورطين في هذه الجرائم وتقديمهم للعدالة.
الفرق بين غسيل الأموال وتبييض الأموال.
يتم تعريف غسيل الأموال على أنه عملية غير قانونية تستخدم لجمع الأموال الناتجة عن الأنشطة الإجرامية المحظورة مثل تجارة المخدرات أو دعم المنظمات الإرهابية. يتم إخفاء مصدر هذه الأموال وتبدو وكأنها مستمدة من مصادر شرعية. تسمى هذه العملية “غسيل الأموال”.
نظرًا لأن الأموال التي تم جمعها من الأنشطة غير المشروعة تعد غير نظيفة، ويتم غسلها لتبدو كأموال نظيفة. تعد عملية غسيل الأموال من الجرائم المالية الخطيرة للغاية، ويتبعها المجرمون ذوو الأعمال البيضاء.
ويعني بذلك المجرمون الذين يرتكبون جرائم غير عنيفة يهدفون منها إلى الحصول على المال، بالإضافة إلى المجرمين الفعليين. تتمثل عملية غسيل الأموال في مخطط يستخدم لتنفيذ المعاملات المالية التي تساعد على إخفاء هوية ومصدر الأموال وتغيير مسارها بحيث تصبح صعبة التتبع.
ويمر غسيل الأموال بعدد من المراحل هي:
يتم استثمار المال المجني من الجرائم والأعمال غير القانونية في النظام المالي.
ثم تخفي المجرمون علاقة هذه الأموال بمصادرها غير المشروعة باستخدام سلسلة من العمليات المعقدة لإخفاء المصدر الأصلي للأموال.
وفي النهاية، يتم دمج الأموال المغسولة في الاقتصاد بطريقة يصعب تمييزها عن الأموال المجنية من مصادر مشروعة. مما يجعل من الصعب على الجهات والسلطات المالية المختصة التصدي لهذه الأموال المغسولة. وذلك يأتي في إطار محاربة عمليات غسيل الأموال.
بينما تبييض الأموال هو مصطلح مرادف لغسيل الأموال، ولا فرق بينهما في العملية، وتعتبر عملية غير قانونية يحاول فيها المجرمون إخفاء مصادر أموالهم التي حصلوا عليها من نشاطات واستثمارات غير مشروعة. وإظهارها وكأنها أموال حصلوا عليها بطرق قانونية مشروعة وقابلة للتداول بشكل طبيعي.
يمكن تنفيذ هذه العملية على مستويات صغيرة محلية، ولكن يمكن أن تتم على مستوى دولي، حيث يتم استغلال الأنظمة المالية الدولية وتسهيل إجراءاتها عن طريق وسطاء ماليين في تلك الدول.
ولا يختلف تعريف غسيل الاموال في الامارات عن الدول الأخرى، إذ أن مختلف الدول تتفق على نفس المعنى النهائي لمفهوم غسيل الأموال، أو تبييض الأموال. تُعد تجارة المخدرات والاحتيال و البغاء وتجارة الأسلحة والإرهاب والمقامرات غير القانونية من أبرز النشاطات الإجرامية التي يتم إخفاء مصادر أموالها عن طريق غسيل الأموال.
ويمكن إيجاز الآثار السلبية لغسيل الأموال أو تبييض الأموال فيما يلي:
يمكن أن يحدث غسيل الأموال أضرارًا لمؤسسات القطاع المالي، والتي تعد ضرورية للنمو الاقتصادي.
يؤدي إلى تعزيز الفساد والجريمة، مما يتسبب في بطء نمو الاقتصاد. كما ينخفض الكفاءة في القطاع الحقيقي للإنتاج. يمكن لتجارة المخدرات والجريمة المرتبطة بغسيل الأموال أن تؤدي إلى زيادة المزيد من الجريمة والعنف في المجتمع. ويمكن أن تتسبب العملية في تقلبات كبيرة في أسعار الصرف ورؤوس الأموال الدولية.
بالإضافة إلى ذلك، يؤثر غسيل الأموال على اقتصادات الدول واستقرارها، حيث تسبب تشوهات اقتصادية داخلية عديدة وصعوبة في المنافسة في شركات ذات أنشطة مشروعة. كما يؤدي إلى انخفاض الإيرادات الحكومية بسبب صعوبة جمع الضرائب على الأموال المتعلقة بغسيل الأموال.
يؤدي غسيل الأموال إلى انخفاض إيرادات الحكومة وصعوبة جمع الضرائب، حيث تعمل بشكل رئيسي في الاقتصاد السري.
تواصل مع أفضل مكاتب المحاماة في الإمارات